يحتاج العالم بشكل عاجل إلى مقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي للحؤول دون أن يؤدّي أيّ تفلّت في هذا المجال إلى تفاقم المخاطر وعدم المساواة، على ما تؤكد الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، في مقابلة مع وكالة فرانس برس.
تأمل الأميركية دورين بوغدان-مارتن، التي تترأس الاتحاد الدولي للاتصالات منذ عام 2023، أن "يُفيد الذكاء الاصطناعي البشرية جمعاء حقاً"، على ما قالت خلال المقابلة التي أجريت معها هذا الأسبوع في جنيف.
وأكدت أن تنظيم الذكاء الاصطناعي أمر أساسيّ في ظل تزايد المخاوف بشأن مخاطر هذه التقنية، بينها القلق من فقدان الوظائف ومن المعلومات المضلّلة وانتشار "التزييف العميق" (محتوى مُتلاعب به باستخدام الذكاء الاصطناعي)، وزعزعة النسيج الاجتماعي.
وأضافت "من المُلحّ السعي لوضع الإطار المناسب"، على أن يتم ذلك من خلال "مقاربة شاملة".
وتأتي تعليقاتها بعد أن كشف البيت الأبيض أخيراً عن خطة عمل لتعزيز التطوير الحر لنماذج الذكاء الاصطناعي الأميركية في الولايات المتحدة وخارجها، رافضاً أي مخاوف بشأن إساءة استخدامها المحتملة.
وقد رفضت بوغدان-مارتن التعليق على هذا التطور الأخير، موضحة بأنها "لا تزال تحاول استيعابه".
"مقاربات مختلفة"
وقالت "أعتقد أن هناك مقاربات مختلفة" في المسألة، مضيفة "هناك مقاربة الاتحاد الأوروبي، وثمة المقاربة الصينية. واليوم، نشهد مقاربة أميركية. أعتقد أن ما نحتاجه هو تفاعل هذه المقاربات".
وأشارت أيضاً إلى أن "85% من الدول لا تزال تفتقر إلى سياسات أو استراتيجيات للذكاء الاصطناعي".
ولفتت بوغدان-مارتن إلى أن قضايا الابتكار وبناء القدرات والاستثمار في البنية التحتية ترتدي أهمية محورية بشكل خاص في المناقشات المتعلقة بالتنظيم.
لكنها أبدت اعتقاداً بأن "النقاش لا يزال بحاجة إلى أن يُجرى على المستوى العالمي لتحديد مقدار التنظيم اللازم".
أمضت المسؤولة رفيعة المستوى معظم مسيرتها المهنية في الاتحاد الدولي للاتصالات، وتعتقد بأن هذه الوكالة الأممية المسؤولة عن تطوير خدمات وشبكات وتقنيات الاتصالات في جميع أنحاء العالم تتمتع بمكانة جيدة للمساعدة في تسهيل الحوار بين الدول حول تنظيم الذكاء الاصطناعي.
وأكدت أن "الحاجة إلى نهج عالمي تبدو أساسية بالنسبة لي"، محذرة من أن "المقاربات المجزأة لن تخدم الجميع ولن تصل إليهم".
"فجوة هائلة"
في حين تخوض دول وشركات سباقاً محموماً في مجال الذكاء الاصطناعي، يخشى بعض المراقبين من أن تصبح الجهات الخاسرة أو التي لا تملك الموارد اللازمة للمشاركة، على الهامش.
تبدي رئيسة الاتحاد الدولي للاتصالات أيضاً اعتقادها بأن الجميع يجب أن يستفيدوا من التقدّم "المذهل" الذي يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي للمجتمع، ولا سيّما في مجالات التعليم والزراعة والصحة، وإلا فإن الذكاء الاصطناعي قد يتسبّب في "زيادة عدم المساواة". وبالتالي، توسيع الفجوة الرقمية في جميع أنحاء العالم.
وأوضحت بوغدان مارتن بأن "2,6 مليار شخص لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت، مما يعني أنهم لا يستطيعون الوصول إلى الذكاء الاصطناعي".
كذلك أكدت الأميركية، وهي أول امرأة تترأس الاتحاد الدولي للاتصالات، الذي تأسس قبل 160 عاماً، على الحاجة إلى المزيد من النساء في العالم الرقمي.
وحذرت من أن "الفجوة هائلة" في هذا المجال، مضيفة "بالتأكيد، لا يوجد عدد كافٍ من النساء في مجال الذكاء الاصطناعي".
وتبدي بوغدان مارتن الأمل في أن "تمهد الطريق للأجيال المقبلة"، مؤكدةً وجود ضغوط كبيرة "للنجاح والتفوق أيضاً".
لكن "لا يزال هناك الكثير للقيام به" على رأس الاتحاد الدولي للاتصالات، كما أكدت المسؤولة رفيعة المستوى، التي ستسعى لولاية ثانية العام المقبل بدعم من إدارة دونالد ترامب.
التصنيفات
تكنولوجيا